القيادة الأولى: 2018 فيراري 812 سوبرفاست في ايطاليا

عرض جديد من فيراري تقدمه تحت اسم 812 سوبر فاست، و التي تسير على خطا F12 المفترسة. ما يعني وضوحاً أنها تأتي بمحرك V12 في مقدمتها و الذي يرسل القوة الهائلة الى العجلات الخلفية فقط – على نقيض محرك V12 لسيارة GTC4 لوسو و الذي يوزع قوته على العجلات الأربع.
و على الرغم من أن البنية الأساسية لسيارة 812 شبيهة لما كانت عليه F12، الا أن خبراء فيراري يدعون أن أكثر من 75 % من عناصرها جديدة تماماً، و من بين أهم التعديلات اضافة نظام التوجيه الرباعي، و الذي صُمم بهدف جعل السيارة أكثر استقراراً عند السرعات العالية و أقل حدةً و انفعالاً عند الحدود القصوى للانعطاف. كما يتكامل هذا النظام مع التوجيه الالكتروني الآلي ( 812 هي أول فيراري تسلك هذا التوجه ) الى جانب الاصدار 5.0 الأحدث من نظام التحكم بالانزلاق الجانبي SSC.

و لكي تتماشى 812 مع معنى اسمها سوبر فاست، تتفاخر 812 بأرقام أداء مذهلة. حيث يولد محرك V12  بسعة 6.5 ليتر ببسطوناته الكبيرة بقياس 94*77 مم قوة هائلة تبلغ 800 حصان عند 8500 دورة في الدقيقة و 718 نيوتن متر من عزم الدوران عند 7000 دورة في الدقيقة ما يعطيها علاوة مفيدة عن F12 التي قدمت 740 حصان و 690 نيوتن متر.
و تأتي تلك الزيادة في القوة نتيجةً لزيادة سعة محرك V12 من 6262cc الى 6496cc، و تحسين الاحتراق بواسطة حاقن مباشر بضغط 350 بار مع نظام مستمد من F1 يعمل على زيادة شدة الاستجابة و تعزيز القوة على امتداد مجال عدد دورات المحرك عبر بوابات تفتح بنظام يقصر المسافة التي يقطعها الهواء ضمن مسارات متغيرة ضمن سعة شاحن الهواء. و يبلغ معدل دوران المحرك 8900 دورة في الدقيقة، و مع ذلك ما يزال قادراً على الوصول الى 80 % من القيمة العظمى لعزم الدوران عند معدل منخفض يبلغ 3500 دورة في الدقيقة.
لم يتغير وزن 812 عما كان عليه في F12 لذا ليس من المستغرب أن تنطلق السيارة من 0 و حتى 100 كم/سا خلال 2.9 ثانية و تصل الى سرعة 200 كم/سا بعد مضي 7.9 ثانية و بسرعة قصوى تصل الى 340 كم/سا – و ذلك أسرع بثانية كاملة من لامبورجيني أفينتادور S – و هذا أمر مثير للدهشة فعلاً.

و بمزيد من الجرأة أو الحماقة قام فريق تنظيم الفعاليات التابع لفيراري باعداد مسار التدشين العالمي في فيورانو عبر طرق أبنين الجبلية و التي ليست فقط ضيقة، بل وعرة أيضاً.
و لنبدأ مع أول ما ستقوم به مع السيارة، و هو الدخول اليها. فعلى نقيض كل سيارة تحمل شارة لامبورجيني أو ماكلارين، كان الدخول الى 812 سهلاً للغاية كما الخروج منها أيضاً، و ذلك بفضل العتبات الجانبية المنخفضة ( ليست عريضة للغاية ) و خط السقف المرتفع نسبياً لسيارة فائقة. و تأتي السيارة بمقاعد متقنة الصنع و تقدم أقصى درجات الراحة و الدعم. لذا فلن يجلب امضاء اليوم بأكمله على مسار أبنين الجبلي الاختباري سالف الذكر أية ضغوط على فقرات أسفل الظهر.

تصميم المقصورة الداخلية مبسط و معتدل، فعلى سبيل المثال لا يتسع الكونسول المركزي الرفيع لأكثر من ثلاثة أزرار، و بالمجمل نجد أن بيئة المقصورة الداخلية ملائمة، على الرغم من وجود زيادة قليلة في الألواح المصنوعة من البلاستيك القاسي عما قد تتوقع رؤيته في سيارة تكلف 1.3 مليون درهم. و الصندوق الخلفي متسع جداً لسيارة في هذا القطاع.
و بالنظر الى كون السيارة تنتمي الى فيراري، فليس من المفاجئ أن تأتي بعداد سرعة كبير ضمن تجمع العدادات، و لكن ذلك يعني أيضاً أن بقية المعلومات محشورة ضمن شاسات صغيرة الى جانبيه. ما يجعل عملية أخذ قراءة مفيدة بنظرة خاطفة أمراً في غاية الصعوبة و خصوصاً عندما تقود السيارة على طريق جبلي ضيق. كما أن نظام الملاحة معقد الاستعمال و تلك أمور على فيراري اعادة النظر فيها مع الطرازات المستقبلية القادمة.
و كما كان عليه الأمر في السابق، تم توصيل المحرك الى ناقل حركة خلفي ثنائي القابض من 7 سرعات، و لكن تم تخفيض النسب بمقدار 6% بهدف الاستفادة القصوى من قوة المحرك و معدلات دورانه العالية للغاية.

و عند بداية الحركة، تبرهن السيارة مباشرة عن مدى سلاستها عند الانطلاق بتروي و تمهل. فمحرك 6.5 ليتر هذا ذو العزم الهائل يتمتع بكثير من الرخامة و السهولة عند معدلات دوران ما دون 2000 دورة في الدقيقة، و من دون أي جدال، تلك السيارة سريعة للغاية، حيث يزداد ارسال القوة تعاظماً فوق 3000 دورة في الدقيقة، و فيما فوق 5000 دورة في الدقيق تصبح شيئاً في غاية الذهول. و من ثم هنالك هذا الصوت الجنوني. فإذا ما أغلقت عينيك و تخيلت سيارة 1969 312P بيرلينتا تمضي بسرعتها القصوى على طريق مستقيم في مولسان، فسوف تبدأ بتكوين تصور واقعي عما عليه سيارتنا من أداء مصحوب بصوت ملحمي.
أما نظام التعليق، فهو من جهة برهن عن مدى ليونته و مطاوعته التي لوحظت بوضوح لدى المرور عبر آلاف النتوءات الموجودة في الشارع الذي اختير كمسار اختباري لنا – كما لو كانت السيارة تقريباً تطوي نفسها لتتكيف مع عيوب الطريق، ولا تنسوا أن تلك سيارة بعرض يبلغ حوالي 2 متر.و قد كانت F12 سيارة عالية الاستجابة لمدخلات التوجيه، و الآن 812 تتمتع بمزيد من المهارة و البراعة مع دوران متموج و نضر بمقدار أي سيارة معدة للطرقات هنا. و من دون شك يساعد نظام الدفع الرباعي الجديد سيارة 812 على تغير الاتجاه الفوري، و لكن السيارة بطبيعتها تتمتع برشاقة عالية نتيجة توزع ثقلها بنسبة 47:53 على الأمام و الخلف.
و لا يقدم نظام التوجيه الالكتروني الجديد الكثير من الاضافات المساعدة، و لسوبرفاست نزعة لتتبع الخط الخارجي للطريق. و هذا يعني أن عليك أن تستمر بشكل دائم بتقديم تصحيحات بسيطة بالاتجاه على مثل هذا النوع من الطرقات الوعرة التي كنا نسير عبرها.
و تتمتع علبة التروس ثنائية القابض بالسرعة و الخفة و الحساسية العالية جداً، سواء تركتها لآليتها الذاتية أو استخدمت مبدل السرعات بشكل يدوي و الذي يميل للسهولة و الانسياب.

و قد تركنا المانتينو ( و هو الاسم الذي تطلقه فيراري على جهاز اختيار الأوضاع ) على الوضع الرياضي، و الذي كان اختياراً مقبولاً و ملائماً لشروط القيادة في العالم الواقعي. و لاحقاً، و أثناء جولة مقتضبة على المسار في حلبة فيورانو حظينا بالفرصة لنقل المانتينو الى الوضع ” CT Off ” و لكن حتى أثناء هذا الوضع تبقى حزمة السلامة مفعلة. و هو فقط يتيح لك بشكل أكبر – أو أكبر كثيراً – الحصول على فرصة اتخاذ تحركات رياضية على جوانب الحلبة قبل الانصراف منها.
و في وضع تجد نفسك فيه تميل الى الانزلاق الى داخل المسار يعمل نظام ضبط استقرار الهيكل الالكتروني على تزويد دفة القيادة باجراءات تصحيحية مفيدة. و لم تكن الأشواط الثلاث المخصصة لنا على الحلبة كثيرة، و لكنها كافية لنستنتج أن 812 ليست بأقل ذهولاً على الحلبات عنها في الطريق. و تأتي السيارة بفرامل كبيرة من الكاربون السيراميكي بقياس 398 مم في الأمام و 360 مم في الخلف و التي أثبت أنها قادرة على مجاراة مستوى الأداء العالي الذي تتمتع به السيارة.
بالمجمل، حتى اسم سوبرفاست عاجز عن وصف السيارة بما تستحقه، و قد يكون اسم ” سوبرباليستيك ” أكثر ملائمة لوصفها بالواقع.

للاطلاع على تجربة القيادة باللغة الانكليزية لجوتام شارما، اضغط هنا.

الصور من فيراري