القيادة الأولى: 2017 بوغاتي شيرون في البرتغال

هذه حالة من السهل فيها أن نروي قصة مجردة مدعومة بالأرقام. فكل مقدار يتم قياسه أو أي معلومات احصائية تتعلق بسيارة شيرون تبدو محالاً بحتاً لدرجة أن الأرقام بحد ذاتها تجعل القراءة مثيرة جداً للاهتمام. فنحن نتحدث هنا عن 1500 حصان، و 1600 نيوتن متر، زمن 6.5 ثانية للتسارع من 0 و حتى 200 كم/سا، سرعة 420 كم/سا ( محددة الكترونياً لدواعي السلامة )، 16 اسطوانة، أربع شواحن توربو.
و لو سألنا كيف يتم ذلك؟ يستطيع محرك W16 ارتشاف 1000 ليتر من الهواء كل ثانية و ينشر 800 ليتر من سائل تبريد المحرك و 120 ليتر من زيت المحرك و بقية المكونات كل دقيقة في حين أن السطح الفعال لكل وسائط التفاعل الكيميائي الستة المتصلة بالعادم تعادل مساحة 30 ملعب كرة قدم. حتى أن دسامات اطارات ميشلين قد صممت خصيصاً لها، حيث باستطاعتها تحمل قوى طرد مركزي تصل الى 3800 G و ذلك عند سرعات يمكن لبوغاتي الوصول اليها. و لكن تركيزنا فحسب على الأرقام لربما ينتقص من شيرون – بتجاهل تصميمها و هندستها الرائعة – و نحن نعلم من تجارب سابقة أن سلفها فيرون تمتعت بقدرة خارقة لانتاج 1001 حصان و سرعة 400 كم/سا – و مزيد من كل من الرقمين نالته طرازات سوبر سبورت و فيتيس -.

لذا، فتطوير سيارة أفضل بحوالي 25 % في كل الجوانب بالنسبة لبوغاتي الآن ليس بأقل ابداعاً و تميزاً من انتاجها لفيرون في عام 2005، و لكن هل شيرون أفضل بمقدار 25 % في كل الجوانب حقاً؟ واصل القراءة لتعرف ذلك…

عندما تفكر بمعظم السيارات الخاطفة للأنظار بسرعتها مثل – لامبورجيني أفينتادور S، و فيراري F12، و ماكلارين 720 S- التي تؤدي ما تقوم به بما يقارب نصف القوة و العزم التي تتمتع بها شيرون، تستطيع حينها أن تبدأ بتكوين صورة عما يمكن لها أن تفعله عند حدود القوة و العزم الأكبر.

و قد وضع التراكم الحراري الناجم عن خرج شيرون الطاقي الضخم مهندسي السيارة أمام تحدٍ صعب من ناحية ادارة التبريد و تدفق الهواء. فهنالك ما لا يقل عن 10 راديتيرات موزعة في أنحاء السيارة، في حين يحتوي تجمع الأضواء الأمامية المميزة ذات ” العيون الثمان ” على قنوات تزود فرامل AP Racing الأمامية الضخمة بالهواء للتبريد ( و هي أقراص بقياس 420 مم من الكاربون السيراميكي المكسوة بدرع حراري خفيف الوزن ). و قد عمل مهندسوا بوغاتي على تتبع كل غرام زائد يمكن التخلص منه في وزن شيرون، اذ أن الجزء الثقيل الوحيد الذي أجازه المدير التنفيذي للشركة السيد وولفغانغ دورهيمر كانت شارة بوغاتي الفضية المكتنزة الموجودة على الشبكة الأمامية. و بنظرة خاطفة على الصور المرفقة يظهر بوضوح الجانب المتوحش لشيرون الذي يفوق كثيراً ما تبدو عليه فيرون.

و يملك نظام العادم الخفيف المصنوع من التيتانيوم ستة مواسير، أربعة منها تنتهى الى الخلف، و تتجه الماسورتين الباقيتين نحو الأسفل بهدف زيادة القوى الايروديناميكية الجاذبة للأسفل. و يحتوي جسم شيرون السفلي على خطوط تعمل على زيادة تدفق الهواء الى الحد الأعظمي، و هنالك قنوات و مداخل هواء اضافية لتبريد منظومة التزود بالطاقة و الفرامل الخلفية.
شيرون أعرض بمقدار 40 مم من فيرون، و تتمتع بوضعية أكثر رسوخاً و قوة من سلفها بسبب اطاراتها الأكبر ( في الأمام R20 بقياس 285/30 و في الخلف R21s بقياس 355/25 ). و يعطي السيارة الطابع العريض أيضاً الضوء الخلفي الذي يمتد بعرض 1.6 متر و الذي يحتوي على 82 لمبة LED حمراء و التي تبدو و كأنها حزمة وحيدة مستمرة من الضوء.

الدخول و الخروج من السيارة عملية مربكة بعض الشيئ – حتى بواسطة معايير سيارات هايبر كار – حيث أن موضع عتبة الباب الأمامي يعني أن عليك أن تثني قدمك حتى تستطيع وضعها داخل المقصورة. و بمجرد أن تدخل الى السيارة ستشعر بتوفر مساحة رحبة و حيز علوي جيد ( أكثر مما هو عليه في سيارة أفينتادور S على سبيل المثال )،و لكن ستجد قدمك اليسرى محصورة بالعتبات الجانبية المنحنية على نحو غير مريح.
بالمجمل، موضع القيادة أفضل بكثير مما كان عليه في سلفها، حيث أن عجلة القيادة و الدواسات تأتي على استقامة واحدة مع السائق، و ليست ملتوية عنه كما كانت سابقاً.

التصميم التخطيطي للمقصورة متناظر، حيث يملك كل من السائق و الراكب قسمه الخاص في المقصورة – و هذا عبارة عن تصميم مستوحى من بوغاتي Type 57SC أتلانتيك الأيقونية. فكل ما يبدو على أنه معدني، أو جلدي، أو ألياف الكربون هو حقاً كذلك. و لا وجود لشذرات البلاستيك ذات المظهر الرديء، و بالنتيجة فالتصميم مرضٍ للعين و الملمس بآن معاً، فكل ما تلمسه مفعم بالجودة.
و جدير بالذكر، أن السرعة القصوى التي يمكن بلوغها أثناء الوضع العادي تبلغ 380 كم/سا، في حين أن الوصول لسرعة 420 كم/سا يتطلب تفعيل الوضع سبورت بمفتاح خاص.
و عند جلوسك خلف عجلة القيادة المسطحة من أسفلها و المقسمة بواسطة ثلاثة أسياخ، ستجد قبالتك تجمع العدادات الذي يحتوي في منتصفه على عداد سرعة تناظري مدرج حتى سرعة 500 كم/سا، و على جانبيه رسوميات بيانية يمكن تخصيصها لعرض ما تشاء من المعلومات و البيانات أمامك.
و الشيئ الوحيد الذي أثار اهتمامي هو جهاز التاكوغراف الذي يسجل سرعة السيارة و مدة حركتها بالاضافة الى اظهار مقدار القوة الذي تنشره السيارة على الطريق من قوتها الأعظمية البالغة 1500 حصان. و يمكن لنا أن نقول، أنك لن تسجل تحرير أكثر من 600 حصان على الطرقات العمومية في مختلف الظروف و المناسبات.

محرك W12 بسعة 8 ليتر ذو حجم ضخم و يبلغ وزنه وحيداً 440 كغ، لدرجة أنك ستظنه محرك جرّار فيما لو شاهدته معزولاً عن السيارة. و إنه لمن الصعب أن تصف الهدير الناجم عن هذا المحرك الجبار حيث أن هنالك تنوع في الأصوات المنبثقة عنه و التي سيكون عليك التركيز بشكل جيد للإصغاء اليها جميعاً و ادراكها و تذكرها في كل مرة. و هنالك بعض الصفير المحثوث، و الأصوات المكتومة الناجمة عن فتح و اغلاق الصمامات البالغ عددها 64 صمام، بالاضافة الى بعض الأصوات الأخرى التي يصعب تمييزها و تحديدها بدقة. و عند سرعات تقارب 140 الى 160 كم/سا سيكون عليك رفع صوتك لكي يتمكن رفيقك بالرحلة من سماعك.

ارسال هذه القوة الضخمة البالغة 1500 حصان عبر ناقل الحركة سلس و مشجع و تصاعدي، و مستويات الجر التي يقدمها نظام الدفع الرباعي ذو التروس التفاضلية المضبوطة الكترونياً مذهلة حقاً.
احتفظت شيرون بالعنفات التوربينية الأربعة، و لكنها باتت أكبر بمقدار 69 % من العنفات السابقة و تقوم بنفث ما مقداره 1.85 بار و الذي يعتبر مؤشر أداء عالي لسيارة خاصة بالطرقات العادية.
و على هذا الحال، يمكن ان يسبب ذلك مستويات تلكؤ عالية، لذلك عمل مهندسوا بوغاتي على تطوير نظام دقيق من مرحلتين يتم من خلاله تفعيل عنفة واحدة لكل 8 اسطوانات عند معدلات الدوران المنخفضة و المتوسطة. و يتم تفعيل العنفة الثانية عند 3800 دورة في الدقيقة لزيادة دوران المحرك بسرعة الى 6700 دورة في الدقيقة حيت يتم تحرير المقدار الأعظمي من القوة عند هذا المستوى. ويتم الانتقال من الوضع ثنائي العنفة الى الوضع رباعي العنفة على نحو متواصل و بشكل يسير، و بالنتيجة مزيد من الاندفاع الدوراني سيتم اكتسابه في الوضع الثاني.
و هكذا تكون شيرون قد أبطلت المعادلة التي تربط الزمن بالمسافة و هنا تحتاج الى اعادة معايرة كاملة لدماغك في هذا الصدد. فبمجرد تجاوز عتبة 2000 دورة في الدقيقة، فإن أي ضغط على دواسة الوقود يزيد على النصف سيؤدي مباشرة لزيادة سرعتك بما يزيد عن 50 كم/سا عن ما يمكن أن يحدث عند تطبيق نفس الأمر على سيارة هايبر كار تقليدية.

تتمتع بوغاتي بتوازن عالٍ، ما يدعوك لتناول المنعطفات عند سرعات الغيار الثالت و بالتالي المزيد من الجرأة بالضغط على دواسة الوقود، و عند قيامك بذلك ستجد أن التروس التفاضلية الالكترونية و اطارات ميشلين ستعمل مباشرة على تحويل مقدار كبير من عزم الدوران الى فعل حركي نحو الأمام. وليس هنالك أي استنزاف للاندفاع يمكن أن ينجم عن الاطارات أو نظام ESP أو على الأقل وجود ذلك  بالمقدار الذي لا يمكن معه ادراكه أو الاحساس به.
تتمتع شيرون أيضاً بنظام تعليق تلاؤمي من 5 أوضاع و هي – EB أو وضع الراحة، و الطريق السريع، و التماسك، و السرعة القصوى، و ليفت.و حتى على الوضع EB تبقى السيارة منبسطة بشكل غير عادي، و لكنه دون ازعاج حتى فوق الطرق المرصوفة بخشونة، و التوجيه في شيرون مثقل بشكل حاذف بفضل اعدادت الدعم و المساعدة الالكترونية، و يعمل وضع التماسك على ضبط التوجيه، و نظام التعليق، و الهيكل المعدني لتقدم أقصى درجات الرشاقة، و تسمح ببعض مستويات الدرفت. كما تتغير زاوية الجناح التلاؤمي الخلفي تبعاً للوضع الذي يتم اختياره لنظام التعليق. و عند الضغط بأقصى قوة ممكنة على دواسة الفرامل من سرعة 250 كم/سا مثلاً، ينبثق هذا الجناح بزاوية 49 درجة ليؤدي وظيفة الكبح الهوائي. و ستشعر بالذهول عند تجربة هذا الأمر من وراء عجلة القيادة.

و جراء محركها الضخم و فراملها و أنظمتها الاكترونية،  يلامس وزن السيارة حدود 1995 كغ بدون احتساب وزن سوائل المبرد و الوقود. و عند تناولها للطرق الملتوية تعطي شعوراً أشبه بصاروخ يزن 1500 كغ.
إن ما يمكن لسيارة شيرون أن تفعله عند سرعات تزيد عن 200 كم/سا يضعها حقاً في تصنيف منفصل عن بقية سيارات قطاع الهايبر كار.

بوغاتي شيرون لم تقم فقط برمي كتاب قواعد سيارات الهايبركار من النافذة، بل قامت بتمزيقه و رميه الى الفضاء الخارجي. و كل ما تبقى الآن هو ان يقوم سائق بوغاتي للتجارب بقيادة السيارة لسرعة تفوق 450 بالساعة بعد نزع تثبيت السرعة الالكتروني طبعا على حلبة ايهرا ليسن في المانيا… و ها نحن بانتظار ذلك.

للاطلاع على تجربة القيادة باللغة الانكليزية، اضغط هنا

و لمعرفة الأسعار (ان كنت مهتما)، قم بزيارة دليل المشتري لبوغاتي شيرون.